viu1269562347s.jpg
Yatar-Logo1.png
yatar_8.jpg

الزوار

We have 41 guests and no members online

معرفة أجزاء اليوم على الترتيب التالي : السحَر، الفجر، الصباح، الشروق، البكور، الضحى، الهاجرة، الظهيرة، الرواح، العصر، الأصيل، العشاء،الغسَق، والعتمة .
السحَر هو الثلث الأخير من الليل ، وهو الوقت الأفضل لصلاة الليل . 

كتب محمود محمد سويدان :

لم يحسب اهالي بلدة ياطر في قضاء بنت جبيل أن قريتهم الوادعة التي تبعد خمسة كيلومترات عن الحدود مع فلسطين المحتلة والتي تتميز بجبالها الشاهقة ووهادها العميقة وتضاريسها الوعرة مما زادها رونقاً وجمالاً، (لم يحسبوا) أن طبيعة بلدتهم ستغري العدو الإسرائيلي بالعدوان الدائم عليها على مدى زمن الصراع العربي – الصهيوني فكانت فاتحة هذا العدوان على البلدة في

ليلةٍ ليلاء بتاريخ 28-12-1970 عندما توغلت قوة كوماندوس إسرائيلية من لواء غولاني إلى شرق البلدة وفجرت منزل والد كاتب هذه السطور المرحوم "الحاج أبو خليل محمد احمد سويدان" وثلاثة منازل مجاورة ولكن أهالي البلدة وبالتعاون مع احد مواقع الثورة الفلسطينية المتمركز على إحدى التلال تصدوا للقوة المتوغلة وقصفوا خط انسحابها فاعترف العدو بسقوط ثلاثة قتلى وستة جرحى وعثر أهالي البلدة على بقع الدم وبقايا الأمصال في أماكن تجمع وحدة الكوماندوس التي سحبتها مروحية حربية تحت غطاء قصف مدفعي تسبب باستشهاد (ابن عم والدي) المواطن عبد اللطيف علي سويدان جراء انفجار قذيفة مدفع قرب منزله أدت الى توقف القلب فشهادته التي أكسبته لقب الشهيد الأول في البلدة. سالت دماء جنود العدو الإسرائيلي على أرض ياطر في أول مواجهة عسكرية مباشرة فأدرك حجم التحدي الذي تمثله هذه البلدة له في قادم الأيام.

كان استشهاد المرحوم "أبو حسن عبد اللطيف سويدان" محطة بارزة دشنت دخول ياطر بالدم والنار يوميات الصراع العربي الإسرائيلي . ( تقدمت الدولة اللبنانية بشكوى معروفة النتيجة مسبقاً الى مجلس الأمن الدولي معتبرةً أن ما حصل يشكل خرقاً متكرراً لهدنة العام 1949 ودعا سماحة الإمام المغيب السيد موسى الصدر في ذكرى أسبوع الشهيد عبد اللطيف سويدان في البلدة بتاريخ 04-01-1971 الدولة اللبنانية إلى عدم ترك أبناء الجنوب فريسة للاعتداءات الإسرائيلية ودعم صمودهم).

أبدى أهالي البلدة تعاطفهم مع الثورة الفلسطينية التي طُردت من الأردن بعد مجازر أيلول الأسود التي ارتكبت بحق أفرادها عام 1970 ونتج عنها إراحة الكيان الغاصب من أطول جبهة حدود جغرافية مع فلسطين المحتلة . فالكثير من ابناء ياطر عملوا في بلاد فلسطين قبل العام 1948 وكانوا يقصدون مدن حيفا ويافا وعكا والناصرة وغيرها يعرفون طرق هذه المدن كمن يقصد صور وصيدا وبنت جبيل. خلال اجتياح العام 1978 اكتسبت ياطر من العدو التسمية الشهيرة "جبل النار" حيث كانت البلدة آخر موقع متقدم لصد القوات الإسرائيلية الغازية وشكلت تلالها منطلقاً لصواريخ الكاتيوشا التي ابلت بلاءً حسناً في جنود العدو ومستوطنيه. واستمرت قافلة الشهادة تخط تاريخ هذه البلدة بالدماء بكل مراحل الصراع حتى التحرير عام 2000 ثم حرب تموز 2006 وصولاً الى عملية "طوفان الأقصى" (المستمرة حتى كتابة هذه السطور) التي قام بها ثوار فلسطين بالعبور الى أراضي 1948 في 07 تشرين الأول التي حاكت عبور الجيش المصري البطل لخط بارليف عام 1973 ، فاجتاز المقاومون الفلسطينيون أهم خط دفاعي يفصل غزة عن اراضي 1948 ، وهو مسلح بأحدث الكاميرات وأجهزة الرادار والتحسس (sensors)، وابراج مراقبة منعاً لتسلل المقاومين . سقطت مستوطنات الغلاف بيد أبناء الأرض وجن جنون رئيس حكومة الكيان الغاصب نتنياهو الذي أمر جيشه الصهيوني بتنفيذ محرقة القرن الواحد والعشرين بحق غزة وشعبها على مرأى العالم "المتحضر" ! ! ! الأمر الذي دعا المقاومة اللبنانية الى إشغال العدو على طول الجبهة الجنوبية لتخفيف العبء عن شعب غزة . تعود ياطر لتُسهم بضريبة الدم كأخواتها من قرى الجنوب والبقاع وكل لبنان لنصرة مقاومي فلسطين .

عشية 31 تشرين الأول 2023  لاحقت طائرة استطلاع صهيونية الشاب حسين عبد الله كوراني ابن الستة عشر ربيعاً وهو يستقل دراجته النارية في شوارع البلدة وصوبت صواريخها نحوه فرسمت دماؤه التي سالت على دروب ياطر خارطة فلسطين واحدة من البحر الى النهر لا قطعةً من قرار التقسيم رقم 181 الصادر عن الأمم المتحدة ولا علبة سردين غزة – أريحا (سراب "أوسلو") سراب وطن أصغر من حبة قمح نبلعه من غير ماءٍ كحبة الأسبيرين بتعبير المرحوم الشاعر نزار قباني في قصيدة "المهرولون" . استشهد حسين كوراني على طريق القدس ميمماً وجهه نحو فلسطين كل فلسطين.

ومرت السنون وسُميت  ياطر بـ "أم الشهداء" يوم خاضت حرب تحريرها المضمخ بالدم من رجس الاحتلال الإسرائيلي الذي استمر منذ العام 1982 حتى صيف العام 1987 وتوالت سبّحة الشهادة في بيت الشهيد الأول عبد اللطيف علي سويدان فقيّض الله له ان يحتضن نجله الشهيد ابراهيم في علياء الله وقد ارتقى إلى العلا بتاريخ 27-12-1983 وهو يقاتل نظام اتفاقية 17 أيار 1983 مع العدو ومحاولة سلخ لبنان عن محيطه العربي وشكلت شهادة إبراهيم سويدان وإخوانه في تلك الفترة مقدمة لانتفاضة  06 شباط 1984 التي عمّدت بالدم عروبة لبنان . في 11 تشرين الثاني 2023 تُوّجت السبحة المباركة باستشهاد الحفيد الشاب عبد اللطيف حسن سويدان (في غارة إسرائيلية معادية على سوريا) وهو الذي كان له شرف الجهاد في معركة الدفاع عن الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في سوريا بوجه التكفيريين ومشغليهم لتغيير وجه سوريا العروبي ووضعها في الفلك الأميركي وإلحاقها بركْب المطبعين والمتخاذلين وتطويق المقاومة . أدرك عبد اللطيف الحفيد أن الطريق الأقصر للقاء الشهيد عبد اللطيف الجد وإبراهيم العم هو طريق الشهادة حصراً فسلكه كرّاراً بوجه الأعداء غير فرّار ولو قطّعت حمم الطائرات الإسرائيلية جسده النديّ فكربلاء إمامه الحسين ع مثاله الأعلى في مقارعة الظلم والاستشهاد. إستشهد "صافي" ( الاسم الحركي للشهيد ) وقد عكّر صفو الصمت العربي على الإجرام الصهيوني حين وجّه وإخوانه المقاومين رصاص بنادقهم وصواريخَهم لعدو الأمة والدين لوقف إبادة شعب فلسطين فيما صواريخ العرب وطائرات العرب ليست إلا لقتل العرب ، وعلى طريق القدس تناثرت أشلاء الشهيد عبد اللطيف حسن سويدان لترسم تضاريس وطنٍ عربيٍّ جديد يأبى المهانة ويستعيد الكرامة لخير أمةٍ أُخرِجتْ للناس ...وكلما راحت سبّحة الشهادة تطول كلما اقترب موعد الكيان الصهيوني مع الأفول، وعلى درب النضال معاً سائرون.

07-12-2023